الحياة في ألمانيا

الحد الأدنى للأجور مقابل إعانة المواطن في ألمانيا

الإعلانات

الحد الأدنى للأجور مقابل إعانة المواطن في ألمانيا.

يدور الحديث في ألمانيا هذه الأيام، حول الفجوة الكبيرة بين من يعملون برواتب متدنية للغاية وبين من يتلقون مساعدات حكومية، وهناك من يرى أن هذه المساعدات سخية لدرجة تدفع بعض الأشخاص إلى عدم التفكير في العمل، غير أن الدراسة الحديثة تشير إلى عكس ذلك تماماً.

فالواقع يثبت أن من يعملون بدوام كامل وبرواتب منخفضة، ينتهي بهم الأمر إلى امتلاك أموال أكثر من أولئك الذين يعتمدون على المساعدات فقط، مما يعني أن العمل، حتى وإن كان الراتب منخفضاً، يظل أفضل على المدى البعيد.

وبطبيعة الحال، تختلف الآراء حول هذا الموضوع، إلا أن الأرقام تكشف الصورة الحقيقية. وفي النهاية، لا أحد يرغب في البقاء عاطلاً عن العمل، حتى وإن ساعدته المساعدات إلى حد ما، إذ يمنح العمل الإنسان قيمة أكبر، ويجعل أمواله تحت تصرفه المباشر.

دراسة.. WSI العمل بأجر الحد الأدنى أفضل مالياً من الإعانات

بحسب “معهد العلوم الاقتصادية والاجتماعية (WSI)” التابع لمؤسسة هانز بوكلر، فإن جميع الفئات ، سواء الأفراد العازبون أو الآباء والأمهات العازبون أو الأزواج مع أطفال ،  يحصلون على دخل أعلى من خلال العمل بأجر الحد الأدنى مقارنةً بالاعتماد على إعانة المواطن.

اعتمدت الدراسة على الحد الأدنى الحالي للأجور في ألمانيا، البالغ “12.82 يورو للساعة”، مع احتساب متوسط ساعات العمل الأسبوعية البالغة “38.2 ساعة”، إضافة إلى المزايا الاجتماعية المحتملة مثل إعانة السكن وإعانة الطفل.

مقارنة بين الحد الأدنى للأجور وإعانة المواطن

 حالة الرجل الأعزب

 إذا كان الرجل يعمل بالحد الأدنى للأجور، فإن راتبه قبل خصم الضرائب والتأمينات يبلغ نحو 2,121 يورو، وبعد الخصم، يتبقى له حوالي 1,546 يورو.

كما يحصل على مساعدة سكن بسيطة تبلغ نحو 26 يورو، ليصبح إجمالي دخله الشهري 1,572 يورو.

أما إذا بقي في المنزل وتلقى إعانة المواطن، فسيحصل على 563 يورو كمبلغ أساسي، و451 يورو كمساعدة سكن، ليكون المجموع 1,015 يورو، أي أقل من الدخل الناتج عن العمل بأكثر من 500 يورو، وحتى مع احتساب الإعفاء من رسوم البث التلفزيوني البالغة 18 يورو تقريباً، يظل الفارق كبيراً.

 حالة الأم العزباء مع طفل صغير

إذا كانت الأم العزباء تعمل بالحد الأدنى للأجور، فإن صافي راتبها يبلغ 1,636 يورو، ومع إضافة المساعدات الأخرى، مثل إعانة الطفل، وإعانة السكن، وسلف النفقة، يرتفع دخلها إلى نحو 2,532 يورو.

أما في حال حصولها على إعانة المواطن فقط، فإن إجمالي ما تتلقاه من مبالغ ومساعدات يصل إلى حوالي 1,783 يورو، أي أقل بنحو 749 يورو مقارنة بالعمل.

الفارق في الحالتين واضح، إذ يحقق العمل دخلاً أعلى، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الأشخاص قد يضطرون للاعتماد على الإعانة لظروف خاصة.

زوجين مع أطفال

عندما يكون لدى الزوجين طفلان، أحدهما يبلغ من العمر خمس سنوات والآخر 14 عاماً، تصبح الأمور المالية أكثر تعقيداً.

إذا كان أحد الوالدين يعمل براتب محدود عند الحد الأدنى للأجور، فإن صافي دخله بعد خصم الضرائب والتأمينات يصل إلى حوالي 3,414 يورو، وقد يبدو هذا المبلغ كافياً نظرياً، إلا أن تكاليف المعيشة وتربية طفلين تجعل الوضع المالي أكثر تحدياً.

أسر ذات دخل محدود

تتوفر للأسر ذات الدخل المحدود مساعدة حكومية تُعرف باسم “إعانة المواطن”، والتي تقدم دعماً مالياً إضافياً، وفي هذه الحالة، يصل مبلغ الإعانة إلى 2,754 يورو.

يمثل الفرق بين الراتب والإعانة نحو 660 يورو، وقد يبدو هذا الفارق كبيراً، إلا أنه عند احتساب مصاريف السكن والطعام والمواصلات والتعليم، يصبح من الصعب الاعتماد على الراتب وحده لتغطية كافة الاحتياجات.

تلجأ بعض الأسر إلى العمل الإضافي أو البحث عن دعم مالي إضافي لتغطية النفقات،  فالحياة ليست سهلة، خاصةً عندما يكون لديك أطفال في مراحل عمرية مختلفة يحتاجون إلى الرعاية والتعليم.

 فروق إقليمية في الفجوة المالية

تختلف الفجوة في الدخل بين المناطق الألمانية تبعاً لتكاليف الإيجار، و  “أقل فرق” هو في داخاو وميونخ (“379–444 يورو”)، و “أعلى فرق” في نوردهاوزن وفوغتلاند (“652–662 يورو”)

 تصريحات الخبراء

أكدت “بيتينا كولراوش”، مديرة WSI، أن النتائج “تُظهر بوضوح أن متلقي إعانة المواطن، بغض النظر عن ظروفهم، يحصلون على دخل أقل من العاملين بأجر الحد الأدنى”.

ووصفت الادعاء بأن الناس يرفضون العمل بسبب الإعانات بأنه “غير واقعي ويشوه السمعة”.

واقترحت كولراوش أن الحل يكمن في “توفير مساكن بأسعار معقولة” وتعزيز التدريب المهني، بدلاً من خفض مبالغ الإعانات.

 الجدل السياسي حول إعانة المواطن

  •  “فريدريش ميرز” (الاتحاد المسيحي): دعا لتخفيض الإعانات وفرض سقف لمدفوعات الإيجار، معتبراً أن المسمى الأنسب هو “الضمان الاجتماعي” وليس “مال المواطن”.
  •  “وزيرة العمل بيربل باس” (الحزب الاشتراكي الديمقراطي): تخطط لتقديم مسودة لإصلاح النظام بعد العطلة الصيفية.
  •  “حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)”: يروّج لفكرة أن المهاجرين يستغلون النظام، رغم عدم وجود أدلة تدعم ذلك.

خلصت دراسة حديثة أجراها معهد WSI، وغطت الدراسة مختلف السيناريوهات الممكنة،  إلى أن العمل، حتى لو كان براتب الحد الأدنى، يظل خياراً أفضل مالياً من الاعتماد على المساعدات الحكومية.

لا تخلو هذه القضية من جدل سياسي، إذ يرى بعض الأطراف أن المشكلة الحقيقية تكمن في صعوبة توفير السكن بأسعار مناسبة للعاملين، بينما يركز آخرون على ضرورة تطوير سوق العمل نفسه.

من الواضح أن حل هذه المعضلة يتطلب جهوداً متكاملة، فتحسين ظروف العمل جانب مهم، لكن لا يمكن إغفال قضية الإسكان التي تشكل عبئاً كبيراً على المواطنين.

تقدم الدراسة رؤية عملية، إلا أن تنفيذ الحلول يحتاج إلى تعاون بين مختلف الجهات،  فالأسعار المرتفعة للسكن تلتهم جزءاً كبيراً من دخل الأفراد، في حين تظل فرص العمل الجيدة محدودة في بعض القطاعات.

الحكومة مطالبة باتخاذ خطوات جادة لمعالجة هذه التحديات، في حين يبحث المواطنون عن حلول فعلية تخفف الأعباء المعيشية،  فالدراسة تعرض الأرقام بوضوح، لكن التنفيذ يبقى التحدي الحقيقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى